إن التلفاز ليس مجرد جهاز كهربى كأى ألة أخرى فى البيت بل انه يكرس التكيف مع مظاهر الأنحراف بألوانها ويصوغ شخصيات مشوهة خلقيا وفكريا ويسرب الى العقول ان الأنحراف أمر واقع وأنه صبغة عامه فى المجتمع فلا جدوى من المقاومه
يبدأ نفوذ التلفاز على الطفل من سن ثلاث سنوات ويتزايد بمرور الوقت وقد يحرم الطفل بذلك فى هذا السن المبكر من التجربه الحياتية الفعلية التى تتطور من خلالها قدراته اذا شغل بمتابعة التلفاز كما يحرم من ممارسة اللعب الذى يعتبر ضروريا لنموه الجسمى والنفسى كما يحرمه من نشاطاته الخاصه الضروريه كالمطالعه والحوار مع الوالدين
والتلفاز يعطل خيال الطفل لأنه يستسلم للمناظر والافكار التى تقدم له دون ان يشارك فيها وعليه يغيب حسه النقدى وتكون قدراته العقليه وحدها هى التى تعمل دون المشاركه بالتفكير وهو لا يبزل اى جهد فى تشكيل ما يراه ، فالجهاز هو الفاعل وهو الناقد، ويقتصر دور الطفل على رؤية ما يعرض
ان الثقافة المبعثرة التى يقدمها التلفاز تقدم الفكر دون ان تدخل الى النفس ، ويصبح الطفل قادرا على وصف ما يراه من مناظر وصور ويتذكر بسهوله الاشكال العامه للمدن والمناظر الطبيعية وبذلك يخدم التلفاز الذاكرة اكثر من التفكير
وبجانب اشغاله النشء عما يفيدهم من القراءة والاستذكار فإنه يستفرغ طاقتهم المتدفقه ويستهلك قدرتهم الفائقة على الحفظ فى حفظ اغانى الاعلانات وترديد شعاراتها وبالتالى يحشى زهنهم بما يزاحم حفظ القرآن الكريم
يشبع التلفاز فى النشء حب المغامره كما ينمى المشاغبة والعدوانية عن طريق محاكاة الممثلين، ويزرع فى نفوسهم التمرد على الكبار والتحرر من القيود الاخلاقية والسخرية من المدرسين ، ويجعل الثقافة والتعليم مادة تثير الضحك والاستخفاف ، فبعد ان توالى عرض مسرحية مدرسة المشاغبين صار التلفاز نفسه مدرسة المشاغبين
والتلفاز يكشف عن السلوك المنحرف عند الاطفال ، ويعززه بالأسلوب الذى يستعين به فى تنفيذ السلوك السيئ فتتفاقم المشكلات النفسية الموجودة عنده ، وتصير اسوأ
يعمل التلفاز وتوأمه الخبيث الفيديو ومن بعدهما نافذة الضياع والمجون (البث المباشر) على تنبيه الغرائز البهيمية مبكرا عند الاطفال فتستيقظ الدوافع الجنسية فيهم قبل النضوج الطبيعى ، الأمر الذى ينتج زللا خلقيا ، وأضرارا عقليه ونفسيه وجسدية
كما تساهم (العائلة التليفزيونية) أيضا فى إثارة الشهوة عند المراهقين الذين تنضج اجسادهم قبل ان يصلوا الى مرحلة النضج العقلى والنفسى ، فاذا ما استبعدتهم الشهوات أصبحت السيطرة عليهم عند النضج من الصعوبه
بعض الشواهد من الواقع الاليم
قال الدكتور عبد الله ناصر رحمه الله
حدثنى من اثق به :
انه دخل فجأة الى غرفة نوم الأولاد فرأى ابنه وابنته اللذين لم يتجاوزا سن العاشرة بعد فى حالة مريبة ، رأى الولد يعانق أخته ويقبلها !! فذهل لهذا المنظر الفظيع وحار ماذا يعمل ؟ ولكن تذكر أن السبب فى هذا هو ما رأوه من جهاز التليفزيون قبل قليل من مظاهر الفساد فى عرض سينمائى متحلل فراح الأولاد يحاكون ما رأوه فى خلوة لا يراهم فيها أحد ولما أكتشف الاب هذا أسرع إلى بيع الجهاز حين رأى فساده الظاهر وخطره الكبير
وهذا أحد الآباء الذين يقتنون جهاز فيديو وقد عاد الى البيت متأخرا فى المساء فوجد أبنائه جميعا يشاهدون فيلما اباحيا فثار وحطم الجهاز
ويغرى التلفاز النشء بالتدخين والخمر والأدمان ويلقنهم فنون الغزل والغرام عن طريق النموذج الذى يقدم لهم على انه بطل دون ان يقدح فى بطولته كونه مدخنا او سكيرا او عربيدا
فهذا اب دخل على طفليه الصغيرين وقد رفعا كأسين ملآهما بالماء يخبطانهما ببعضهما وهما يقولان فى صحتك
وهذا مدرس يفاجئ تلامذته بالمدرسة الابتدائية وقد طحنو التباشير ووضعوه فى موضع معين فى جوانب اكفهم ليشموه تماما كما يفعل المدمنون امامهم على شاشة التلفاز
وما أكثر الحوادث التى اصتنعها أطفال لم تبتكرها عقولهم البريئة ولكنهم استوحو أفكارها من الفيديو والتلفاز
وللتلفاز دور خطير فى افساد اللغة العربية لغة القرآن الكريم واشلعة العبارات التافهة والسطحية والمعانى العامية الركيكة بل السوقية الهابطة مما يساهم فى تدنى الذوق العام للصغار والكبار على حد سواء